حلم ليلة شتاء

لم يكن العمل مرهقا اليوم, لا شئ يدفعني للنوم مبكرا.أمسكت بكتاب واستلقيت بفراشي لعلي أعثر علي النوم بين ثنايا السطور,مر الوقت بطيئا ولكن النوم ظل ضائعا منى.
قمت ونظرت خلال النافذة. الشارع خال, لا شئ مثير يدفع عني الملل الزاحف عليّ, أبدل الكتاب بآخر عله يفعل ما لم يفعله السابق. لكن دون جدوي.
لا يوجد أحد أتحدث إليه: كل من بالبيت ذهبوا للنوم تجنبا للبرد الذي يعض أطرافهم. نظرت مرة أخري من زجاج النافذة, كانت السماء قد خلعت ثوبها المرصع بالنجوم وارتدت آخر قاتما , مالبثت أن انتشت بالبكاء مطرا غزيرا.
صنعت كوبا من الشاي وأدرت المذياع بصوت خفيض ثم جلست بجوار النافذة, أراقب زجاجها المنقوش بخطوط المطر.
يشف الزجاج عن طرقات لامعة خالية والظلام ينشر غلالته علي المنازل حيث اكتست هي الأخري بالكآبة الخرساء. انقطع التيار الكهربي فسكت المذياع, فأشعلت شمعة, وضعتها بجوار الكوب الساخن. أخذ البخار المتصاعد عنه يلف حول الشمعة ويغريها وفي النهاية طوق ذراعا البخار الشمعة ليرقصا علي عزف الريح للحنها الشجيّ


انبعثت كلمات "نزار" بصوت "ماجدة الرومي" عندما عاد التيار. أطفأت المصباح وتركت الشمعة مشتعلة لتهنأ برقصتها, قدماي خفيفتان ويدان ترفرفان في فضاء الغرفة تكبران وتصغران علي الجدران اقترابا وابتعادا من الضوء الراقص, لم أتعلم الرقص قط لكنى أشغر بخفة السنونوات أعلو وأهبط علي نغمات الأغنية وذراعاي جناحان ينبسطان وينقبضان ليمسكا بآخرين, لم أعد أرقص وحدي وأصبحنا زوجين من الراقصين في حفلة يسودها المرح ويفيض علي أرجاء المكان الذي ازداد اتساعا وإشراقا, كالموج نعلو نعلو ثم نهبط.
" وأعود أعود لطاولتي. فجأة...طرقات علي الباب فإذا بأخي يفرك عينيه بيديه, ماذا تفعلين ولماذا تجلسين في الظلام؟ ها؟ !!
هدأت عاصفة حركتي تماماوظل الصمت برهـــة, وصدري يرتفع وينخفض , دقات قلبي متسارعة. نظرت الي مراقصي علي الحائط فإذا به يقف مثلي في ذهول. التفت الي الراقصين الأخرين , اختفيا. اختفي كل شئ لم يعد هناك سوي كوب الشايّ البارد والشمعة تضاءلت غارقة في دموعها ترثي رفيقها.
" لا شئ معي الا كلمات"...فأجبت لا شئ ....لا شئ...!





د.مني فوزي خطاب